تتوالى ردود الأفعال في العالم الإسلامي على الفيلم الذي أساء للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم والذي ساهم فيه وتبنى نشره القس الأمريكي المتطرف "تيرى جونز" الذي سبق له وأحرق نسخا من القرآن الكريم بالإضافة إلى مجموعة أقباط المهجر وهي منظمة نصرانية سياسية مقرها الولايات المتحدة وتهدف إلى تقسيم مصر واقتطاع جزء منها لإقامة دولة قبطية فيها .
وفور نشر الاستعدادات لبث الفيلم تصاعدت ردود الأفعال التي استنكرت هذا الفعل داخل مصر وخارجها في العالم الإسلامي كله غضبا لما يساء للنبي صلى الله عليه وسلم والتي أجمعت كلها على استنكار وإدانة لهذا الفيلم الذي يهدف بالأساس إلى عدة أهداف منها أولها ديني وأهمها سياسي .
الموقف الشعبي والحزبي في مصر
وكان الهدف الأول للتظاهرات في القاهرة هو محيط مبنى السفارة الأمريكية التي احتشد حولها المتظاهرون ليحاولوا إسقاط العلم الأمريكي ورفع علم مكانه عليه شهادة التوحيد .
وقد دعت لهذه التظاهرة عدة جهات منها التي تتخذ وجهة النظر الإسلامية على رأسها الجبهة السلفية وحزب النور وائتلاف المسلمين الجدد بالإضافة لعدد من الجماعات والأحزاب والروابط التي تنتهج وجهات نظر وأفكار أخرى بل تقول الأخبار أن هناك مجموعات لشباب نصارى شاركوا في هذه التظاهرة مستنكرين قيام أقباط المهجر بإنتاج ونشر مثل هذا العمل المسيء
وشارك عدد من شباب روابط المشجعين للأندية المصرية الذين يطلق عليهم " الألتراس " الذين لا يتدخلون في المظاهرات الدينية إلا قليلا فهم بحكم طبيعتهم معنيون بالقضايا الرياضية رغم مشاركتهم في القضايا السياسية منذ وقت قريب وخاصة في الثورة المصرية ,فجاءوا بأعدادهم الغفيرة ليرددوا هتافات مثل " الشعب يقول إلا الرسول " ورافعين لافتات وأعلاما سوداء مكتوبا عليه " لا إله إلا الله محمد رسول الله " , وإنما يدل ذلك على أن الغضب الشعبي وصل لعدة قطاعات كبيرة من الشعب المصري بكل من فيه انتصارا للرسول صلى الله عليه وسلم
وبوجود مثل هؤلاء الشباب يخشى كثير من المتابعين من تفاقم الأمر وخروجه عن السيطرة الأمنية فيما يعد امتحانا صعبا لإدارة الرئيس مرسي ولوزارة داخليته وخاصة أن المظاهرات ليست فئوية وليس لها مطالب مادية ولم تخرج إلا للانتصار للرسول صلى الله عليه وسلم .
وتوالت ردود أفعال الجماعات والأحزاب المصرية حتى ممن لم يشاركوا رسميا في المظاهرات الغاضبة , فأما الدكتور عصام العريان نائبا عن جماعة الإخوان المسلمين وحزبها حزب الحرية والعدالة فقد أعلن استنكاره للفيلم المسيء للرسول وأكد علي ضرورة الاحتجاج عليه باعتباره إهانة لمشاعر وعقائد المسلمين حول العالم , أما حمدين صباحي المرشح السابق للانتخابات الرئاسية فقد وصف الفيلم بأنه جريمة لا علاقة لها بحرية الإبداع وأكد أن الإسلام والرسول أكبر وأعظم من أن يسيء إليهما فيلم , وبالنسبة لحركة 6 ابريل فقد الفيلم " بالحقير" , وقالت في بيان لها أمس أن الهدف من الفيلم سياسي فهو يستهدف إثارة الفتنة بين أبناء الوطن الواحد ويتعارض مع تعاليم الأديان السمحة .
ومن جانبه وعلى قناة الناس الفضائية قال الباحث في المذاهب الدينية الدكتور محمد حمدي في لقاء له مع الشيخ خالد عبد الله : أن " أقباط المهجر يسيئون لرسولنا الكريم في الفيلم الذي تم عرض بعض أجزائه على اليوتيوب في العاشر من سبتمبر بينما يذاع كاملا في الحادي عشر من سبتمبر وأن هذه ليست المرة الأولى التي يتطاول فيها أقباط المهجر على رسولنا الكريم قبل ذلك تم إنتاج فيلم من قبل بعنوان " كلاب الرسول " , والذي قام بإنتاجه القس مرقص عزيز وهو نفسه الذي ألف كتاب تيس عزازيل في مكة " .
الموقف الرسمي المصري الدعوي
وعلى المستوى الدعوي الرسمي في مصر أدان الدكتور طلعت عفيفي وزير الأوقاف عرض الفيلم المسيء للرسول صلي الله عليه وسلم واكد أن " حرية الإبداع لا يجب أن تمس المعتقدات الدينية " , وكذلك واستنكر الدكتور محمد المختار المهدي الرئيس العام للجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة هذا الفيلم, وقال " إنه يهدف إلي إثارة المشاعر الإسلامية وأحذر من تغذية مشاعر الكراهية واستفزاز مشاعر المسلمين ".
وصرح مفتى الديار المصرية الشيخ على جمعة أنه " يشجب هذا العمل ويستنكره تماما من كل أقباط المهجر وكل من ساهم في إنتاج هذا العمل والذي يحاول أن يشوه صورة أقدر رمز بشرى عرفه التاريخ , فهذا الفيلم المسيئ للرسول عليه أفضل الصلوات وأتم التسليمات يجرح جميع مشاعر المسلمين في كل مكان , ولم يقبل الشيخ على جمعة إدراج هذا العمل المشين تحت حرية التعبير عن الرأي لتبرير إنتاج هذا الفيلم المسئ للرسول فقال " إنه انتهاك لحقوق المسلمين بالاعتداء على مقدساتنا ورموزنا وليس أي شخص بل هو محمد عليه أفضل الصلاة والسلام خير البرية أجمعين فمبلغ العلم فيه انه بشر وانه خير خلق الله كلهم .
الموقف الرسمي المعلن والظاهر لنصارى مصر
ولكون هذا العمل المسيء للنبي سيثير أزمة ضخمة قصد أصحابها إثارتها في مصر تحديدا باشتراك أقباط مصر في المهجر فيها ولاحتواء الأزمة الشديدة المقبلة سارع الأنبا باخوميوس قائمقام بابا الكنيسة الأرثوذكسية المصرية بالتبرؤ من هذا الفيلم ووصفه بأنه " إساءة بالغة للإسلام ونبيه الكريم وأبناء الوطن الواحد , كما تبرأ من كل من قام بهذا العمل الذي يشكل ازدراء للأديان " وذلك في بيان رسمي صادر عنه .
وكذلك استنكرت الكنيسة الإنجيلية الفيلم ووصفته بأنه " عمل شائن يتعارض مع تعاليم المسيحية " , أما منظمات أقباط المهجر في الخارج فقد تبرأت منظمات من هذا الفيلم الذي وصفته بأنه يشكل ازدراء بالأديان, وقالت في بيانات رسمية صادرة منها أن موريس صادق والهيئة العليا للدولة القبطية – وهما من ساهما في الفيلم - لا يمثلان أقباط المهجر , وقال رئيس اتحاد المنظمات القبطية بأوروبا أن المنتج الحقيقي للفيلم هو القس الأمريكي تيري جونز الذي اتهم بحرق نسخة من القرآن الكريم
تغطية المواقع الإخبارية العالمية
فقالت وكالة رويترز للأنباء في تغطيها للمظاهرات "إن نحو ألفي شخص تجمعوا ظهر الثلاثاء أمام السفارة الأمريكية، إلا أنه لم ترد أي أنباء عن اقتحامها من طرف المحتجين. فيما لم يعرف ما إن كانت قوات الأمن المصرية تدخلت لمنع تطور الموقف ".
أما عن هيئة الإذاعة البريطانية البى بى سى فقد تابعت الأمر باهتمام وعناية عبر مراسلها في القاهرة الذي أكد على حضور بعض السياسيين والسلفيين وأقباط وأبرزت البيان الذي أصدرته السفارة الأمريكية للتنديد بما حدث من إساءة لمشاعر المسلمين .
رد عملي لمسلمي الهند
فنقلت عدة مواقع إخبارية أن بعضا من مسلمين الهند قد قرروا للرد علي هذا الفيلم المسيء أن يقوموا بإنتاج أكبر وأضخم فيلم إسلامي يعرض فيه للتعريف بالإسلام وبالرسول صلى الله عليه وسلم على غرار الفيلم الضخم الذي أنتجوه منذ عدة سنوات والذي نال عدة جوائز عالمية .
وهكذا تستمر الغضبة للرسول صلى الله عليه وسلم ويخشى منها – مع كل أسف – من أحد أمرين أما أولهما : أن تتوجه الغضبة في غير مسارها الصحيح وذلك بالتخريب في منشئات وممتلكات الدول الإسلامية التي يتبع لها المتظاهرون , وهو البديل الذي لن تتأثر الدول الداعمة للفيلم ولا صُناعه شيئا , والأمر الآخر أن تهدأ هذه الغضبة بعد أيام وبعدها يعود كل منهم إلى بيته وهو يظن أنه قد أدى ما عليه نصرة للرسول صلى الله عليه وسلم