ينبغي أن يعلم الشاب والفتاة أنه ما أنزل الله من داء إلا وأنزل له دواء، علمه من علمه وجهله من جهله، إن الله تعالى هو الذي خلق الناس ويعلم دواخلهم وغرائزهم، وهو الذي شرع لهم شرعه، فلا يمكن أن يأمر الله تبارك وتعالى الناسَ بما لا يطيقون فعله، ولا أن ينهاهم عما لا يطيقون تركه. ومن أهم وسائل العلاج لهذا الداء: قوة الإيمان:- إن الإيمان بالله عز وجل هو العاصم - بعد توفيق الله سبحانه- للعبد من مواقعة الحرام، أليس النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْني وَهُوَ مُؤْمِنٌ... » (متفق عليه)، إذًا فحين يعمر الإيمان قلبك، ويملأ فؤادك ومشاعرك، لن تتجرأ بإذن الله على محارمه. فالإيمان يردع صاحبه عما حرم الله تعالى. والإيمان يُوجِد في القلب الحلاوة واللذة التي لا تعدلها حلاوة الشهوة و لذتها. والإيمان يملأ القلب بمحبة الله تبارك وتعالى، فلا يبقى في القلب إلا حب الله عز وجل وحب ما يحبه تبارك وتعالى، فاحرص أخي واحرصي أختي - رعاكم الله - على تعاهد بذرة الإيمان في قلوبكم فهي حين تنمو تثمر سعادة الدنيا والآخرة.
الوقاية قبل العلاج: أي الطريقين أسهل على نفسك؟ و أي السبيلين تختار؟ أن تطلق العنان لنفسك، وتفتح الأبواب على مصارعها، ثم تظل تدافع الشهوة وتصارعها؟ أو أن تغلق الأبواب وتسد الذرائع؟ إن العاقل الحصيف، والكيس الفطن يختار غلق الباب و سد الذريعة، بل إنه المنهج الشرعي. فهل من العقل واتباع الشرع أن تطلق النظر فيما حرم الله عز وجل، ثم تشتكي من الشهوة واستيلائها على قلبك؟! وهل يليق بك أن تتصفح المجلات الهابطة، أو تتابع الأفلام الساقطة، ثم تسأل أين طريق العفة؟!! وهل تريد النجاة وأنت تسمع أغاني الحب والغرام الساقطة؟!!!
أخي الشاب أختي الفتاة: إن أردتم النجاة؛ فاختصروا الطريق من أوله، واغلقوا الباب الذي يأتيكم منه الريح، وأنتم أعلم بأنفسكم، فأي طريق (زميل، كتاب، مجلة، شريط....) يدعوكم للمعصية و يثير فيكم الغرائز الكامنة، فقولوا له: {هَـٰذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ} [الكهف: 78].
وصفة نبوية ناجحة "الزواج": إن النبي صلى الله عليه وسلم قد أعطى لكل ذي حق حقه، ونصح لكل الأمة. أتراه يترك هذا الأمر دون توجيه أو بيان؟ حاشا لله، بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم ما ترك خيرًا إلا دل عليه، ولا شرًّا إلا حذر منه، ولذا لم يكن صلى الله عليه وسلم ليترك هذا الأمر دون بيان، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «َ يا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ؛ فَعَلَيْهِ بِالْصَّوْمِ فَإِنَّه? لَهُ وِجَاءٌ» (متفق عليه)، فيا لها من وصفة ناجحة من طبيب القلوب والأبدان. و بادري يا أختي بالقبول بالزوج الصالح، فالتأخير مخالفة للسنة، ومدعاة للوقوع في الحرام. إن النكاح يتيح للزوجين صرف الشهوة في الحلال، دون ضغوط أو آثام، بل يؤجران على ذلك ويثابان، فعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَأتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟ قَالَ: «أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ؟، فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلالِ كَانَ لَهُ أَجْرًا») رواه مسلم).
الصيام: حين لا يتيسر أمام الشاب والفتاة أمر الزواج، فهناك حل آخر: إنه الصيام، فلِمَ لا تفكر أن تصوم ثلاثة أيام من كل شهر، أو يومي الاثنين والخميس؟ فالصيام يربي في الإنسان قوة الإرادة والصبر والتحمل، والاستعلاء على رغبات النفس و ملذاتها. فبادر أخي وبادري أختي وفقني الله وإياكم لذلك، واجتهدوا في صيام ما تستطيعون من الأيام.
إياك والصغائر: قد تدعوك نفسك للتساهل ببعض الصغائر "النظر، المقدمات..."، وقد يتطور إلى الخلوة المحرمة، ولا شك أن الصغائر ليست كالفواحش الكبيرة، لكن: الصغائر التي يحتقرها المرء حين يجتمع بعضها على العبد تهلكه. لا تنس أنك في معركة دائمة مع عدو لدود يدعوك للهلاك من كل سبيل، ويسلك لإغوائك كل مسلك، إنه القائل: {ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} [الأعراف: 17]، فأنت - يا أخي - حين تتساهل بالمعصية، تـُفَرِح هذا العدو الحاقد، وتمده بالسلاح الذي يقاتلك به. إن وقوعك في المعصية الصغيرة وتساهلك بها؛ يزيل استقباح المعصية من قلبك فتعتاد عليها، حتى تقع فيما هو أكبر منها.
احذر من أن تشهد عليك جوارحك: هل تستطيع يومًا من الأيام أن تقارف معصية دون أن تستخدم جوارحك؟!!، {حَتَّىٰ إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا ۖ قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّـهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [فصلت: 20-21]. إنه مشهد رهيب وموقف عصيب، يوم تنطق هذه الجوارح التي هي أول ما يتمتع بلذة المعصية، يوم تنطق على المرء بما كان يعمل.
هل تستطيع الخلوة؟ حينما تغلق الباب على نفسك ولا يراك أحد، وتتحرك كوامن الشهوة في نفسك وتبحث لها عن متنفس، فتذكر أن الله عز وجل يراك، فلو استحضرت هذه الحقيقة، لما تجرأت على المعصية.
الدعاء سلاح المؤمن: إنه سلاح لا يخون في النوائب، يلجأ إليه العبد لا سيما في وقت الشدة والكرب {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ...} [النمل: 62]، أليس لكم في أنبياء الله قدوة حسنة؟ ها هو يوسف عليه السلام تواجهه الفتنة وهو في سن الشباب فيرفع كف الضراعة لمولاه: {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ۖ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ} [يوسف: 33] فماذا كانت النتيجة؟ اقرأ معي الآية التي تليها: {فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [يوسف: 34]. فهل جربت الدعاء؟! و هل رفعت يوما كف الضراعة إلى الله لكي يحميك من الرذيلة ويصرف عنك السوء والفحشاء؟ فأخلص الدعاء إلى الله بقلب خاشع متضرع ولا تستعجل النتائج.
تذكر نعيم الجنة: أعد الله في الجنة لمن أطاعه ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، ويتنعم أهل الجنة بسائر ألوان النعيم وأصنافه، بل كل ما يتمناه المرء هناك يحصل له. ومما يتنعم به أهل الجنة إتيان هذه الشهوة، لكن شتان بين ما في الدنيا والآخرة، وأنى لبشر مهما أوتى من البلاغة أن يصف هذا النعيم.
|